[center]تعريف الجاذبية
[img]
http://www.55a.net/firas/ar_photo/1197458541gravity_earth_2.jpg[/img] الجاذبية الأرضية عبارة عن قوة تجذب كل الأجسام الموجودة في الكون جهة مركز الأرض ، وهي أكثر الأنواع الشائعة من أربعة تفاعلات رئيسية للمادة. وللجاذبية خصائص رئيسية متعددة تميزها عن التفاعلات الرئيسية الأخرى، ألا وهي القوة الكهرومغناطيسية، والقوة النووية القوية، والقوة النووية الضعيفة.
أولا: أنها قوة شاملة تؤثر على كل أشكال المادة والطاقة بطريقة كبيرة بينما تؤثر كل التفاعلات الأخرى تأثيرا مباشرا على أنواع معينة من الجسيمات. على سبيل المثال، تؤثر القوى الكهرومغناطيسية على الجسيمات المشحونة فقط. ثانيا: أنها قوة جذب فقط بخلاف القوى الأخرى التي هي قوى جذب وطرد. ثالثا: أنها تتفاعل بشكل طويل المدى، عكس القوى الأخرى المحدودة في نطاق معين. رابعا: أنها أضعف أنواع القوى الأربعة الرئيسية، حيث أن لها تأثيرا ضعيفا على الجسيمات البسيطة الملاصقة لها.
ولقد كانت هناك محاولات عديدة لوصف وتفسير الجاذبية عبر التاريخ. ففي عام 330 قبل الميلاد، زعم أرسطو أن للعناصر الأربعة -الأرض والماء والهواء والنار- مواقعها الطبيعية وهي تميل إلى التحرك باتجاه هذه المواقع. وقد ذهب إلى أن الأجسام التي تحتوي على مقادير من الأرض أكبر من غيرها تسقط نحو الأرض بصورة أسرع وأن سرعتها تزيد عندما تقترب من موقعها الطبيعي.
وفي القرن الرابع الهجري / العاشر الميلادي عبر البيروني بشكل واضح عن مفهوم الجاذبية الأرضية في رده على المعترضين على دوران الأرض فقال كتابه القانون المسعودي : "الناس على الأرض منتصبو القامات على استقامة أقطار الكرة، وعليها أيضا نزول الأثقال إلى الأسفل".
أما الهمداني من علماء القرن التاسع الهجري / الخامس عشر الميلادي فقد عبر بوضوح عن مفهوم الجاذبية فذكر في كتابه الجوهرتين عن الأرض وما يرتبط بها من أركان ومياه وهواء ما نصه: "فمن كان تحتها (أي تحت الأرض) فهو في الثبات في قامته كمن فوقها، ومسقطه وقدمه إلى سطحها الأسفل كمسقطه إلى سطحها الأعلى، وكثبات قدمه عليه. فهي بمنزلة حجر المغناطيس الذي تجذب قواه الحديد إلى كل جانب. فأما ما كان فوقه فإن قوته وقوة الأرض تجتمعان على جذبه وما د ار به فالأرض أغلب عليه إذا كان الحديد مثلا يمس أجزاء الحجر والأرض أغلب عليه بالجذب لأن القهر من هذه الحجارة لا يرفع العلاة ولا سفلة الحداد".
في تعبير عن تناسب عجلة الجاذبية الأرضية مع بعد المسافة عن مركز الأرض أشار ابن سينا في كتابه الشفاء ما نصه: "والخفيف المطلق هو الذي في طباعه أن يتحرك إلى غاية البعد عن المركز، ويقتضي طبعه أن يقف طافيا بحركته فوق الأجرام كلها، وأعني بالطافي ليس كل وضع فوق جسم، بل وضعا يصلح أن يكون منتهى حركة. والثقيل المطلق ما يقابله حق المقابلة، فتكون حركته أسرع حركة لميله إلى غاية البعد عن المحيط خارقا كل جسم غيره، فيقتضي أن يقف رأسيا تحت الأجسام كلها".
ولقد بحث ابن ملكا البغدادي حركة المقذوفات من حيث أن حركتها إلى أعلى تعاكس فعل الجاذبية الأرضية، فتبطأ من تسارعها حتى تصل إلى نقطة الصفر ثم ترتد راجعة إلى سطح الأرض بفعل الجاذبية الأرضية. فيقول في كتابه المعتبر : "من توهم أن بين حركة الحجر علوا المستكرهة بالتحليق وبين انحطاطه وقفة فقد أخطأ. وإنما تضعف القوة المستكرهة له وتقوى قوة ثقله، فتصغر الحركة، وتخفى حركته على الطرف، فيتوهم أنه ساكن". ويضيف: "فكذلك الحجر المقذوف فيه ميل مقاوم للميل المقذوف، إلا أنه مقهور بقوة القاذف، ولأن القوة القاسرة عرضية فيه فهي تضعف لمقاومة هذه القوة والميل الطبيعي ولمقاومة المخروق... فيكون الميل القاسر في أوله على غاية القهر للميل الطبيعي، ولا يزال يضعف ويبطئ الحركة ضعفا وبطئا بعد بطء حتى يعجز عن مقاومة الميل الطبيعي، فيغلب الميل الطبيعي فيحرك إلى جهته".
ولقد ظل تفسير ابن ملكا سائدا طوال ستة قرون حتى عام 1012هـ / 1604 م. عندما استنتج العالم الإيطالي جاليليو جاليلي أن الجاذبية تمنح عجلة محددة وليست سرعة وأن هذه العجلة متساوية لكل الأجسام التي تتحرك في الفراغ.
أما العالم الإنجليزي إسحاق نيوتن فقد قدم تصورا لنظرية الجاذبية الأرضية حيث توصل في عام 1014هـ / 1606 م. إلى أن مدار القمر يعتمد على نفس نوع القوة التي تجعل التفاحة تسقط على الأرض. وتتطلب هذه النظرية أن يتناقص مقدار القوة على أن يتناسب عكسيا مع مربع المسافة من مركز الأرض. وقد دمج نيوتن قانون مربع المس افة مع قوانين الحركة الثلاثة التي توصل إليها وكون نظرية الجاذبية العامة والتي تنص على أنه توجد جاذبية بين كل زوجين من الأجسام تتناسب عكسيا مع مربع المسافة بينهما.
ولكن نيوتن لم يعط سببا للجاذبية، بل في حقيقة القول، لقد تجنب نيوتن أساسا تسميتها باسمها "الجاذبية" وإنما تحدث بدلا من ذلك عن "أجسام تنجذب نحو بعضها الآخر". وقد كان هذا الاستنتاج كافيا للتوصل إلى قوانين كيبلر الخاصة بحركة الكواكب، والمد والجزر في المحيطات ونظرية الاعتدال الربيعي والخريفي. وفي عام 1262هـ / 1846 م. استخدمت نظرية الجاذبية في التنبؤ بكوكب جديد واكتشافه ألا وهو نيبتون.
وقد صاغ نيوتن قانون الجاذبية لأول مرة عام 1095هـ / 1684 م. والذي ينص على أن الجاذبية بين جسمين تتناسب تماما مع ناتج كتلة هذين الجسمين وتتناسب عكسيا مع مربع المسافة بينهما.
[img]
http://www.muhandes.net/ImgArsh/ejaz/ejaz30-5.jpg[/img][/center]